نظمت جمعية شبيبة بناء الوطن الليلة البارحة 19 مايو 2010 بقصر المؤتمرات بنواكشوط محاضرة مع الدكتور الشيخ يوسف القرضاوي رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين تحت عنوان: "أولويات العمل الإسلامي في المرحلة الراهنة".
وقد افتتح الندوة رئيس الجمعية بداه ولد محمد الذي شكر الشيخ على تلبية الدعوة، مستبشرا بهذا الحلم العمري الذي طال ماراود "الشبيبة" في أن يحاضر لها الدكتور يوسف القرضاوي، رغم أنها تستنير باجتهاداته الفقهية ومعينه الفكري وتسترشد بوسطيته واعتداله وفهمه.
وأشار رئيس الجمعية إلى انه طوال عمر الجمعية البالغ لحد الساعة ثلاثة عشر عاما ظلت تسعى إلى ترشيد الشباب وخدمة البلد وبناء الوطن عبر الكثير من الوسائل المتاحة كالمخيمات والمحاضرات والندوات.. وهي -يقول ولد محمد- ستظل تسير على هذا النهج لسان حالها قولة الأنصار: "والله لا نقيل ولا نستقيل".
وأتاح رئيس الجمعية الكلام أمام العلامة يوسف القرضاوي الذي وصفه بـمجدد العصر" وأن العمل الإسلامي ارتبط به فكرا وممارسة وتنظيرا كما ارتبط هو بالعمل الإسلامي منذ نعومة أظافره.
الدكتور العلامة يوسف القرضاوي أكد أن الشباب مرحلة القوة والحيوية والنشاط، وانه فترة شرة بين ضعفين، مستشهدا بقوله تعالى: "هو الذي خلقكم من ضعف ثم جعل من بعد ضعف قوة ثم جعل من قوة ضعفا وشيبة".
واستنهض همم الشباب الحاضرين بضربه العديد من أمثلة الشباب المصلحين والقادة، مثل إسماعيل عليه السلام الذي كان أنموذجا في الصبر على الطاعة والاستسلام والانقياد "ياأبت افعل ماتؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين" ويوسف عليه السلام الذي كان مثالا فذا في الصبر عن المعصية" حيث وعظ امرأة العزيز بالوازع الديني "معاذ الله" وبالوازع الأخلاقي "إنه ربي أحسن مثواي إنه لا يفلح الظالمون".
واسترسل الشيخ القرضاوي في ضرب النماذج من أمثال أصحاب موسى "فما آمن له إلا ذرية من قومه" وأصحاب الكهف "إنهم فتية آمنوا بربهم وزدناهم هدى" وإبراهيم عليه السلام "سمعنا فتى يذكرهم يقال له إبراهيم" والصحابة رضوان الله عليهم الذين كان عمديهم أبو بكر رضي الله عنه ولا يتجاوز عمره سبع وثلاثين سنة.
وأضاف الشيخ يوسف القرضاوي هذه النماذج مجال وميدان لنا من أجل تربية الشباب التربية الصالحة الصادقة على المنهج الإسلامي القويم، مبرزا بان الصحوة الإسلامية والدعوة الإسلامية والحركة الإسلامية مصطلحات متقاربة لكنها غير مترادفة.
وفسر الشيخ القرضاوي "العمل الإسلامي" بأن المقصود به العمل لنصرة الإسلام، بشكل جماعي منظم، فالتعاون على البر والتقوى والاعتصام بحبل الله ولزوم الجماعة معان حث عليها الإسلام الحنيف وحذر من ضدها أشد تحذير.
الشيخ أشار إلى أن العمل الإسلامي واسع الميادين يشمل التربية والإعداد والتهيئة وتكوين الأجيال لكن له أولويات لا بد من معرفتها وتقديمها، وهي ما تسمى بـ"فقه الأولويات أو فقه مراتب الأعمال"، فلا ينبغي تقديم ماحقه التأخير ولا تسبيق النوافل على الفرائض، مسترشدا بقولة الغزالي: "إن عدم التقديم بين الخيرات من الشرور".
من أهم الأولويات التي ينبغي تقديمها حسب الشيخ الأشياء المتعلقة بالعلم والفهم، فهي أهم من التطبيق والسلوك؛ لأن الأخيرة مترتبة على الأولى، ثم تقديم أعمال القلوب على أعمال الأبدان، فلا تقبل أعمل الجوارح إلا بأعمال القلوب "النية والإخلاص".
وأكد الدكتور على أن الأولويات تختلف من عصر إلى عصر ومن بلد إلى بلد، غير أنه من الضروري لنا -بصفتنا مسلمين- في العصر الراهن الخروج من سجن التخلف إلى باحة التحضر، مستفيضا في ضرب النماذج والأدلة وتوصيف الواقع في شتى بلاد المسلمين، مضيفا: نحن نمتلك قوة بشرية بدنية، وقوة اقتصادية وقوة حضارية وقوة روحية فلا ينبغي أن نبقى رهينين لعقليات بائدة وعجز وتخلف نحن من يحبس أنفسنا عليه.
وأردف هناك أولويات أخرى مثل الحرية، وتحقيق العدالة الاجتماعية، والمشكلة الأخلاقية، ومحاربة الصهيونية ومشروع الوحدة الوطنية، لكن ترتيبها يبقى رهين الظروف والبلدان، قد تصيب بلدا ما فاقة أومجاعة فتصبح الأولوية اقتصادية، أو وباء ومرض فتصبح صحية..الخ.
وعقب على المحاضر ة العلامة الشيخ محمد الحسن ولد الددو؛ حيث أكد أن هناك قيما وأولويات ربى عليها النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه وينبغي لنا اليوم أن نعتني بها لتربية الشباب من أهمها التربية الصحيحة على الوحي وتقوية الصلة بالله تعالى، والمؤاخاة التي تعتبر رمزا لهذا الدين الإسلامي السمح.
وقد بدأت المحاضرة بنشيد مع فرقة الجمعية، وقصيدة ترحيبية بالشيخ العلامة يوسف القرضاوي مع الشاعر طه ولد الواثق مسؤول الثقافة السابق بالجمعية، وكان على الربط مسؤول الثقافة الحالي "دمد" بينما تولى إدارة المحاضرة والتعقيب عليها عضو مجلس إدارة الجمعية د।محمد الحسن ولد أحمد॥وسط حضور كثيف وجماهير غفيرة ملأت قاعات وباحات وأرجاء قصر المؤتمرات.
نقلا عن موقع الجمعية .
0 التعليقات :
إرسال تعليق